Physical Address
304 North Cardinal St.
Dorchester Center, MA 02124
فيما يأتي عاشوراء خطبة جمعة، ففي بداية شهر محرّم لا بدّ أن يوضح أصحاب العلم والعارفين بدين الله عزّ وجل المكانة السّامية التي يتبوّؤها هذا اليوم العظيم، هذا اليوم الذي يصومه المسلمون كل عام نظرًا لما له من مكانة عالية عند الله تعالى، كيف لا وهو اليوم الذي نصر الله تعالى فيه الحق على الباطل ليكون آية حتى قيام الساعة، وفي هذا المقال وقفة مع خطبة جمعة معبرة عن هذا اليوم يمكن الاستفادة منها في خطبة الجمعة التي ستصادف هذا العام يوم عاشوراء.
الحمد لله ثم الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أنّ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ سيّدنا محمّدًا عبده ورسوله وصفيّه وخليله، خير نبيّ! أرسله ورحمة للعالمين بعثه، صلوات ربي وسلامه عليه إلى يوم الدين، وبعد يا عباد الله أحثّكم على طاعة الله والعمل بما أنزل على نبيّه وبالسنة الشريفة، وأستفتح بالذي هو خير.
خطبة الجمعة هي عبارة عن خطبتين يفصل بينهما جلوس الخطيب لوقت قصير ثمّ يختم الخطبتين بدعاء عام للإسلام والمسلمين ترتفع فيه الأكفّ إلى خالقها تسأله من فضله العظيم، يتلو الدعاء خاتمة قصيرة ثمّ الصلاة، وفيما يلي خطبة بمناسبة يوم عاشوراء:
أحباب الله، لقد تكاسل الناس في الفترات الأخيرة عن اتّباع السنن التي سنّها النبي المصطفى عليه الصلاة والسّلام، وأصبح الناس يفعلون الفروض فقط، ولكن أين هؤلاء الناس من الثواب والأجر الذي سيكتبه الله لهم إن فعلوا ما أمرهم الله به، وكيف إن كان ما أمرهم به ذا فضلٍ عظيم، عباد الله، لقد جاء شهر محرّم، ذلك الشهر الذي خصّه النبي -صلى الله عليه وسلم- بالفضل، فأكثروا الصوم فيه، فقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ”.[1]
وحافظوا على صيام عاشوراء اليوم العاشر من شهر محرّم، ذلك اليوم الذي نصر الله به رسوله موسى عليه السّلام على فرعون بعد أن طغى وتجبّر، فأغرقه وأنقذ موسى وقومه، فبذا حقّ الحق وزهق الباطل، فألا يستحق هذا اليوم العظيم الصيام شكرًا لله عزّ وجل؟ فقد ورد في الصحيح عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم أنّه قال: “صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَومِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ”.[2]
وجاء في الصّحيح عن ابن عباس أيضًا: “ما رَأَيْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَومٍ فَضَّلَهُ علَى غيرِهِ إلَّا هذا اليَومَ؛ يَومَ عَاشُورَاءَ، وهذا الشَّهْرَ. يَعْنِي شَهْرَ رَمَضَانَ”،[3] ويستحب في هذا الصيام أن يخالف صيام اليهود، فيصام يوم قبله أو يوم بعده معه إن كان دخول الشهر صحيحًا، فقد جاء في الصحيح: “حِينَ صَامَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَومَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بصِيَامِهِ قالوا: يا رَسولَ اللهِ، إنَّه يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: فَإِذَا كانَ العَامُ المُقْبِلُ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- صُمْنَا اليومَ التَّاسِعَ، قالَ: فَلَمْ يَأْتِ العَامُ المُقْبِلُ حتَّى تُوُفِّيَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ”.[4]
وأمّا إن كان دخول الشهر أمر مشكوك فيه فيصام ثلاثة أيام، وللشهر الحرام فضل لا يبلغه غيره، ومما يدلّ على ذلك:
الحمد لله حمد الكاملين والصلاة والسلام على نبينا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى من سار على نهجه إلى يوم الدين، أشهد أنّ لا إله إلا اله عليه توكلت وإليه أنيب، عباد الله، إنّ الله أمركم بأمر عميم بدأ به بنفسه وثنّى بملائكة قدسه فقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}،[5] “اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ”.[6]
عباد الله، إنّ لشهر محرّم فضل عند الله جلّ في علاه، ولكن بات هذا الشهر موضعًا للبدعات، فانتشرت فيه بعض الأمور التي لا تمت للدين بصلة، فأصبح بعض الناس يجعلون من عاشوراء يومًا للحزن على وفاة الحسين عليه السلام، وهذا ما لم يأت فيه شيء في ديننا وإن كان الإمام الحسين قد انتقل إلى الله تعالى شهيدًا في هذا اليوم، ولكن جعل شهر محرم شهر للحزن هذا ليس من الدين في شيء.
وأمّا الفئة الثانية فقد جعلت من يوم عاشوراء يومًا لإظهار الفرح والسّرور كأنّه عيد، وكذلك فإنّ هذا الأمر ليس بصحيح، فلم يرد في الصحيح شيئًا من هذا عن النبي صلة الله عليه وسلم، ففي الإسلام عيدان فقط، عيد الفطر وعيد الأضحى، ولا ثالث لهما، وكلّ ما جاء عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو صوم هذا اليوم، فلا تجعلوا التقليد الأعمى يزيغكم عن سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ألا وإنّي داعٍ فأمّنوا:
اللهم إنا نسألك من خير ما سألك به عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، ونستعيذ بك من شر ما استعاذ به عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم ارزقنا مغفرتك بلا عذاب وجنتك بلا حساب ورؤيتك بلا حجاب، اللهم اجعل خير عمرنا آخره وخير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم نلقاك فيه، اللهم إنا نسألك عيشة هنية وميتة سوية ومردًّا غير مخزٍ ولا فاضح، اللهم إنا نسألك خير المسألة وخير الدعاء وخير النجاح وخير العلم وخير العمل وخير الثواب وخير الحياة وخير الممات وثبتنا وثقل موازيننا يا أكرم الأكرمين، آمين آمين والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد الصادق الوعد الأمين المبعوث رحمة للعالمين.
عباد الله، اتّقوا الله وأطيعوه، واعلموا عباد الله أنّ الله تعالى {يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}،[7] قوموا إلى صلاتكم يرحمني ويرحمكم الله.
كان وما زال المسجد هو منبر الحق الذي يعلو به صوت الحق، ومن خلاله يستطيع الدّاعية أن يصحّح الأخطاء التي يقع بها المسلمون، ونظرًا لأهميّة هذه الخطبة قد وضعناها لكم كملف pdf يمكن تحميله “من هنا“، ليتسنّى للجميع تحميلها والاستفادة منها.
مع دخول شهر محرّم يعد يوم عاشوراء من أكثر الأمور بحثًا عبر الانترنت، ولذا قمنا بوضع هذه الخطبة على شكل ملف doc ليتمكّن الجميع من تحميلها والاستفادة من المعلومات الموجودة فيها، ولتحميل الملف بصيغة doc يمكن ذلك من خلال الضغط على زر التحميل “من هنا“.
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال عاشوراء خطبة جمعة، وقد حلاولنا أن نطرح لكم خطبة شاملة كاملة حول كل ما يتعلّق بعاشوراء والأعمال المستحبّة في هذا اليوم.