رسائل النبي الى الملوك

رسائل النبي الى الملوك ، وماذا كان رد الملوك على رسائل الرسول صلى الله عليه وسلم

فيما يأتي رسائل النبي الى الملوك، فبعد أن أصبح الإسلام قوّة عظيمة، وتمكّن النبي من القضاء على رؤوس الكفّار، أصبح عليه السّلام يحاول جاهدًا أن ينشر دين الإسلام، فكان من الوسائل التي اتّبعها عليه الصّلاة وأتم التّسليم إرسال الرسائل إلى الملوك ليتحدّث لهم عن الدّين الإسلامي ويدعوهم إلى اعتناقه، وفي هذا المقال سنعرض أبرز هذه الرسائل، كما سنعرض أبرز الأمور المتعلّقة بها.

رسائل النبي الى الملوك

هناك العديد من الرسائل التي أرسلها النبي محمد صلى الله عليه وسلّم إلى مختلف الملوك، وكلّ رسالة من هذه الرسائل تنصّ على شيء معيّن، وفيما يلي أبرز الرسائل التي أرسلها النبي للملوك:

رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم

يروي الصحابي أبو سفيان بن حرب فيقول: “أنَّ هرقل دَعا لهم بكتابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقَرَأَه فإذا فيه: بِسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، من مُحمَّدٍ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، إلى هرقل عَظيمِ الرُّومِ، سلامٌ على مَن اتَّبَعَ الهُدى، أمَّا بعدُ؛ فإنِّي أَدْعوكَ بدِعايةِ الإسلامِ، أسلِمْ تَسلَمْ، وأسلِمْ يُؤتِكَ اللهُ أجرَكَ مرَّتينِ، فإنْ تولَّيتَ فإنَّما عليكَ إثمُ الأَرِيسيِّينَ،[1] {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}”.[2]

كتاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة

يروي الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري فيقول: “أمرَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم أنْ ننطلقَ مع جعفرِ بنِ أبي طالبٍ إلى أرضِ النجاشيِّ فذكر الحديثَ . وفيه قال النجاشيُّ لجعفرٍ : ما يقولُ صاحبُك في ابنِ مريمَ ؟ قال يقولُ فيه قولَ اللهِ عزَّ وجلَّ هو روحُ اللهِ وكلمتُه أخرجَه من العَذْراءِ البَتولِ التي لم يقرَبْها بشرٌ قال فتناولَ النجاشيُّ عودًا من الأرضِ وقال يا معشرَ القسِّيسينَ والرهبانَ ما يزيدُ هؤلاءِ على ما تقولونَ في ابنِ مريمَ مرحبًا بكم وبمن جئتُمْ من عندِه فأنا أشهدُ أنه رسولُ اللهِ وأنه الذي بشَّر به عيسَى ابنُ مريمَ ولولا ما أنا فيه من المُلكِ لأتيتُه حتَّى أحملَ نَعليهِ امكثوا في أرضي ما شئتُم”.[3]

كتاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك مصر

يوري التابعي عبد الرحمن بن عبد القاري “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بعث حاطبَ بنِ أبي بلتعةَ إلى المُقَوقِسِ صاحبِ الإسكندريةِ بكتابٍ فقبَّل الكتابَ وأكرَم حاطبًا وأحسنَ نُزلَه وسرَّحه إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وأهدى له مع حاطبٍ كسوةً وبغلةً مسروجةً وخادِمتَينِ إحداهما أمُّ إبراهيمَ وأما الأخرى فوهبها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لجهمِ بنِ قيسٍ العبديِّ وهي أمُّ زكريا بنِ جهمٍ الذي كان خليفةَ عمرو بنِ العاصِ على مصرَ”.[4] 

كتاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى كسرى ملك فارس

يروي التابعي يزيد بن أبي حبيب فيقول: “كتب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ إلى كسرَى أبرويزَ ملكُ فارسٍ يقولُ : بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ . من محمَّدٍ رسولِ اللهِ إلى كسرَى عظيمُ فارسٍ . سلامٌ علَى مَن اتَّبع الهُدى ، وآمَن باللهِ ورسولِه ، وشهِد أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ لهُ ، وأن محمَّدًا عبدُه ورسولُه . أدعوك بدعايةِ اللهِ ، فإنِّي أنا رسولُ اللهِ إلى النَّاسِ كافَّةً لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا، وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ . أسلمْ تسلم ، فإن أبيتَ فعليك إثمُ المجوسِ”.[5]

كتاب الرسول إلى ملك البحرين

جاء في كتاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى ملك البحرين ما يأتي: “بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوي، سلام عليك! فإني أحمد إليك الله الذي لا الله إلا هو، واشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله‏.‏ أما بعد فإني أذكرك الله عز وجل، فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه، فإنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني، ومن نصح لهم فقد نصح لي، وإن رسلي قد أثنوا عليك خيراً وإني قد شفعتك في قومك، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه، وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم، وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك، ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية“.[5]

دعوة ملوك عمان

جاء في كتاب النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى ملوك عُمان ما يأتي: “بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى جيفر وعبد ابني الجلندي‏،‏ سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوكما بداعية الإسلام، أسلما تسلما، فإني رسول الله إلى الناس كافة؛ لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين‏.‏ وإنما إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما وخيلي تحل بساحتكما وتظهر نبوتي على ملككما‏“‏‏.‏[5]

من كان يكتب رسائل النبي

لقد كان هناك مجموعة من الكتّاب الذين يكتبون الرسائل للنبي محمّد التي يرسلها للحكّام بأمره، وكذلك كان هؤلاء الكتّاب يكتبون كل ما يمليه عليهم االنبي محمد صلى الله عليه وسلّم من معاهدات وأحكام وأحاديث وغير ذلك من الأمور، وقد بلغ عددهم في بعض الروايات 38 صحابيًّا، ومن أبرزهم:[6]

  • أبو بكر الصديق.
  • أبو سفيان.
  • أُبي بن كعب.
  • أرقم بن الأرقم.
  • حذيفة بن اليمان.
  • الزبير بن العوام.
  • طلحة بن عبيد الله.
  • عمر بن الخطاب.
  • علي بن أبي طالب.
  • عثمان بن عفان.
  • عمرو بن العاص.
  • معاوية بن أبي سفيان.
  • المغيرة بن شعبة.

رد الملوك على رسائل الرسول

لقد كانت ردود الملوك متباينة على الرسائل التي أرسلها لهم النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم ليعتنقوا الإسلام، وانقسموا تبعًا لذلك إلى ثلاثة أقسام، وهذه الأقسام كالتالي:[5]

  • قسم منهم اتّبع ما جاء في رسالة النبي محمّد ورحّب بها واعتنق الإسلام، ومن هؤلاء المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين، وابني الجلندي جيفر وعبد ملكي عمان.
  • قسمٌ منهم لم يسلم، لكنّه استقبل رسالة النبي بلطف، ورحّب بالرسول القادم من قبل النبي، وأكرمه وأجزل له العطايا، ومن هؤلاء هرقل والنجاشي والمقوقس.
  • قسمٌ منهم تصرّف بتكبّر وعجرفة، وأساء للرسول المبعوث من قبل النبي محمّد صلّى الله عليه وسلّم، بل ومزّق الرسالة أيضًا، ومن هذا القسم كسرى ملك الفرس، وهوذة بن علي الحنفي.

خصائص رسائل النبي الى الملوك والأمراء

لقد تمتّعت رسائل النبي للملوك بمجموعة من الخصائص والمزايا، وهذه الخصائص هي:[7]

  • مخاطبة النبي للملوك خطابًا مناسبًا لما يدينون به، فعندما خاطب كلّ من هرقل المقوقس اللذين يدينان بالنصرانية أكّد عبودية الناس والأنبياء معهم لله تعالى، وقد كانوا يقدّسون عيسى ابن مريم، فذكر لهم قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }،[2] وكذلك لقد كان كسرى وقومه ممن يعبدون الشّمس، لذا أكّد عليه الصلاة والسلام أهميّة التوحيد.
  • اتخاذ النبي خاتمًا باسمه للرسائل، وقد كان ذلك منتشرًا في عصره آنذاك.
  • اعتماده في حديثه مع الملوك على المجاملة.
  • طمأنة الطرف الآخر على الملك، فلم تحمل رسائله أي تهديد بل على العكس تمامًا.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال رسائل النبي الى الملوك، وقد رأينا من خلال هذا المقال النقلة النوعية للدعوة الإسلامية، وتلك القوة الكبيرة التي تمتّع بها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والتي جعلته قادرًا على مواجهة أقوى ملوك العالم، وكذلك قد توضّحت حكمته عليه الصّلاة والسّلام في اختيار الكلام المؤثر الذي له فائدة كبيرة.

شارك المقالة:
بتول الحمصي
بتول الحمصي
المقالات: 637

تعليق واحد

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *